غير مصنف

وحدة وادي النيل

مامون على فرح يكتب

 

تاريخ طويل من العلاقات السودانية المصرية ليست مدة زمنية قصيرة كما يعتقد الكثيرين هذه العلاقة علاقة تفوق التصور فمنذ آلاف السنين كانت هذه العلاقة موجودة في العصر الحجري القديم والاسفل والاعلي ذات التقارب يفصله جدار زمني متغير.
فما بين تلك العصور التي شهدت مهد الحضارة الإنسانية وبداية تشكلها بشكلها المعلوم كان هناك نموذج يعطي هذه الإشارات التي نري علاماتها الأن بشكل واضح في عصرنا الحالي… وان كانت المفاهيم القديمة لا تعترف ابدا بحدود الجغرافية التي لاتشكل اي عائق بين الشعوب المحبة لبعضها البعض وهو ما حدث في تلك العصور القديمة بين ممالك السودان واقاليم مصر بلد الحضارة والمعبر للعالم الآخر بحسب مسميات العصور القديمة وما بين هنا وهناك تاريخ طويل من التقارب الزمني الذي لا يمكن أن تدركه كتابات أهل الأرض جميعاً فهنا وهناك نشأت حضارة وادي النيل العريقة والقديمة هذه الحضارة التي حيرت كتاب التاريخ وأخذوا يبحثون وينقبون عن خفاياها العظيمة واسرارها التي مازلنا نجهل عنها الكثير وكان أكثر الباحثين عن أسرار هذه الحضارة العظيمة التي بدأت في وادي النيل…… هنري برستد المؤرخ الأمريكي المعروف والذي كتب انتصار الحضارة وافرز فيه حيزاً كبيراً لحضارة وادي النيل حيث استطاع لفت الأنظار إلى دراسة علم المصريات والبحث في أسرار الحضارة المصرية ومزج كل هذه الدراسات أيضاً للوصول إلى دراسة تاريخ وادي النيل ودراسة الممالك النوبية التي قامت في جنوب الوادي وكان لها ارتباط وثيق وعلاقات متينة بالاقاليم المصرية وجمع كل هذا نهر النيل العظيم الذي يهب الحياة باستمرار لمصر والسودان ولذلك فإن هذا الارتباط لم يكن ارتباط العصر الحديث بل كان ارتباط ملايين السنين في عصور نشأة الحضارة الإنسانية التي بينها برستد وغيره من المؤرخين وكانوا دائما يربطون هذه الحضارة وكأنها حضارة واحدة في بلدين مختلفين هكذا كنا نحن كسودانيين وكمصريين منذ ملايين السنين قبل رابط الدم والأخوة التي عززها الان وحدة المصير والهدف المشترك والدين واللغة….. في رحلة عنوانها الأبرز ملامح وادي النيل القديمة وتلك الرحلات الشهيرة التي قام بها حرخوف التي وصف فيها بلاد النوبة بتفاصيلها المدهشة التي رآها وهذا الرحالة دون كل ما رآه في بلاد النوبة وأفريقيا كرحالة مصري جاب أفريقيا منذ وقت مبكر وهو طفل وأكملها وهو شاب ووصل حتى الصحراء الغربية دون هذا الرجل كل ما رآه في النوبة كانت الرحلة قصيرة كما الان لا تحدنا اي حدود لا تقف اي فواصل بيننا وبين مصر والعكس لا توجد فواصل بين المصريين وبلدهم الثاني السودان كانت رحلة حرخوف ملئية بالتشويق والمقارنات لا يوجد اختلاف عمل هذا الرحالة أيضا على تعزيز العلاقات في عهد مرن رع من سنة 2247 إلى 2241 قبل الميلاد لقد سجل حرخوف تفاصيل رحلته في المقبرة التي دفن فيها في أسوان كتب : ارسلني جلالة مرن آت سيدي كما ارسل والدي السمير الوحيد والمرتل ازاي إلى بلاد ايام لاكتشاف الطريق الذي يؤدي إلى البلاد الأجنبية وقد قمت بهذا العمل في 6 أشهر فقط وقد عدت بكل أنواع الهدايا من هذه البلاد وهذا أيضا يؤكد العلاقات الراسخة بين مصر وممالك بلاد النوبة ويقصد بالبلاد الأجنبية معرفة طرق الوصول إلى أفريقيا.
هكذا هي العلاقات التي امتدت أيضا في عصور مملكة كوش ومملكة مروي علاقات قديمة راسخة تليدة منذ أزمان طويلة تطورت بشكل كبير.

كان السودانيين في رحلتهم لمناهضة المستعمر في خمسينات القرن الماضي ياخذون من مدارس النضال المصرية في الأسلوب والتكتيك وتبادل الرسائل وكانت وحدة وادي النيل ضد المستعمر علامة في تاريخ النضال والسودانيين نهلوا من الثقافة المصرية ومدارس الأزهر الشريف كانت البعثات العلمية في حركة متواصلة مابين الخرطوم والقاهرة وفي كل ولايات السودان المختلفة يوجد خريجي الأزهر الشريف منارة الإسلام الثقافة المصرية متجذرة بقوة في المجتمع السوداني هذا الأمر طبيعي للتقارب الجغرافي والفوارق المعدومة توجد قواسم مشتركة في كل شي أجيال متعاقبة تعرف جيداً هذه المعاني التي نحتاج بشدة لايصالها لجيل اليوم لنخبرهم بهذا الطريق الطويل الذي بدأ قبل عصور طويلة وتدرج لنصل إلى ما نحن عليه إليوم لم يتغير شي طوال هذه السنوات مازلنا جسد واحد وبلدين نتنفس في محيط واحد ويجمعنا مصير مشترك وتحديات جسام نريد لهذه المعاني العميقة وحبنا لوادي النيل أن تكون هذه المعاني واضحة ندركها جميعاً بدون مزايدات بدون أن نستمع لهواجس وظنون لم ولن تكون موجودة لا نريد للناس تجاهل هذا التاريخ الضارب في القدم وهذه المعاني الاجتماعية التي انبنت بين السودان ومصر وزابت فيها الفوارق وانفتحت الحدود ولا أحد يمكنه أن يقول هذين بلدين مختلفين فأكثر دولتين في العالم منفتحتين على بعضهما البعض هما السودان ومصر هذه النظرة نظرة عميقة سوف تظل إلى الأبد رغم محاولات التشويه هنا وهناك تظل هذه العلاقة علم في أرض القوس… تظل هذه العلاقة علم في أرض ابو الهول في مصر التاريخ وكلنا أمام تحدي الانتصار والعبور إلى الأمام…

 

 

نلتقي….

 

مدير مكتب صحيفة موجز السعودية بالسودان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Link partner: gaspol168 sky77 koko303 zeus138 luxury111 bos88 bro138 batman138 luxury333 roma77 ligaciputra qqnusa qqmacan dewagg bola88 indobet slot5000 ligaplay88